ان الابداع هو موهبة وقدرة عقلية ذاتية لدى الانسان وهي هبة من الله عز وجل للكثير من البشر وهي قدرة ليست موجودة لدى الجميع. ان كل ما نراه من حولنا سواء في البيت او في العمل او في الشارع من وسائل يسرت لنا الحياة هو من ابتكار المبدعيين الذين غيروا حياة البشرية الى الافضل وجعلوا مجتمعاتهم اكثر تطورا، فهؤلاء هم من قد صنعوا التاريخ واصبحت اسمائهم منقوشة في حياة البشر اليومية مدى الدهر. ان الشخص المبدع لا تمر عليه ساعة في يومه الا وهو يفكر بمشاريعه الابداعية.
ان المجتمع الغربي عرف كيف يستثمر الابداع الموجود لدى افراده والذي انعكس على جوانب حياته المختلفة على النقيض من مجتمعاتنا التي لازالت عاجزة عن فهم اهمية هذه الفئة فلا توجد هناك في بلداننا مراكز متخصصة تحتضن وتهتم بهذه الفئة وتساهم في تطوير مهاراتهم الابداعية المختلفة اسوة بالدول المتقدمة كما هوالحال بالنسبة الى المركز الكندي للمبدعين والمخترعيين والذي تاسس في عام 1981 حيث استطاع هذا المركز باحتضانه للمبدعين منذ ذلك التاريخ من ان ينتج اكثر من ثلاثة عشرة الف منتج جديد حيث تم تسويق العديد منها وان وجدت تلك المراكز في بلداننا فانها ضعيفة لا ترتقي الى المستوى المطلوب وتعاني من نقص مستمر في ميزانياتها وذلك لانه لا توجد خطط جادة لدى حكوماتنا لسبب اولاخر لدعم هذه القضية الحيوية.
انه وللاسف اصبح شاغل المبدعين في مجتمعاتنا من الصباح الى المساء كيف يكسب لقمة عيشه وكيف يستطيع ان يلبي احتياجات اسرته فلا يوجد هناك فرصة يستطيع من خلاله اعطاء عقله ولو لدقائق معدودة لتفكير ابداعي او حتى تطوير مشاريعه الابداعية والتي تخدم مجتمعه وان وجد وقتا فانه لن يكون اكثر من تدوين افكاره ليتمكن يوما ما من تنفيذها. لقد اصبح المبدع يعيش في صراع مع الظروف المحيطة به جاهدا لايجاد مخرج من حاله، فعمله الذي يقضي فيه ساعات طويلة والذي يكسب منه قوت يومه قد يكون بعيدا كل البعد عن مجال ابداعاته وبعد عمله يسعى الى متابعة التزاماته تجاه اسرته او حضور دورات تدريبية مثلا من اجل الحصول على ترقية في وظيفته ليساعده ذلك على زيادة دخله وغيرهما من مشاغل الحياة اليومية التي لا تنتهي.
كم من مبدعيين درسوا في الخارج فحصلوا على عروض وامتيازات من تلك الدول للبقاء بسبب تفوقهم ولكنهم فضلوا العودة لخدمة بلدهم وعندما عادوا لم يجدوا من يقدرهم؟
ان بلداننا العربية غنية باصحاب العقول الابتكارية والايدي الماهرة اذا ما استغلت الاستغلال الصحيح لامكننا من تطوير مجتمعاتنا وتقوية اقتصادنا، اننا بحاجة الى ان نضع الشخص المناسب في الموقع المناسب وذلك لان انتاجية الفرد في العمل تزداد اذا كان طبيعة عمله يتناسب مع ميوله وقدراته الابداعية، وعلى العكس فان العمل الذي يكون بعيدا عن مجال ابداعات الفرد فانه لن يكون سوى مقبرة تدفن فيه تلك القدرات مع صاحبها. اننا بحاجة الى ان ننظر في هذه القضية نظرة جادة اذا ما اردنا التقدم والتغيير الى الافضل.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق