السبت، 26 فبراير 2011

رحلة إلى عجلون، 7 سبتمبر 2004

عجلون هي منطقة خضراء جميلة تقع في الأردن وبها قلعة صلاح الدين الأيوبي والذي أمر ببنائة على أعلى قمة جبل في تلك المنطقة بعد أن جمع جيوش المسلمين تمهيدا لتحرير فلسطين.

في الطريق إلى عجلون توقفنا في مدينة جرش التاريخية والتي شيدها الرومان قبل ميلاد المسيح عليه السلام وبقيت تلك المدينة حتى بعد فتح المسلمين لبلاد الشام إلى عهد الأمويين الذين عاشوا في تلك المدينة وأضافوا إليها مسجدا ومرافق أخرى. وقد أهملت المدينة بعد قدوم العباسيين الذين نقلوا عاصمة الخلافة من دمشق إلى بغداد.

لازالت أعمال التنقيب جارية لاستكشاف المزيد من أسرار تلك المدينة الأثرية. لقد امتازت العمارة الرومانية بأعمدتها الضخمة وبالنقوش والزخارف التي نحتت بإتقان ودقة على الأحجار ومن أهم معالم مدينة جرش المسرح الذي استخدمه الرومان للاجتماعات العامة واقامة الحفلات والمسرحيات والمسرح والذي يسع لثلاث آلاف شخص هو عبارة عن مدرج دائري له مركز وعندما تقف عليه وتتحدث بنبرة طبيعية فان صدى صوتك يكون واضحا. لقد استعمل الرومان هذه التقنية الطبيعية لكي  يقف عليه المتحدث و يسمعه الجميع.

أما في عجلون فقد استقبلنا المرشد السياحي عند بوابة القلعة الذي أخذنا في جولة حيث شرح لنا تاريخ هذه القلعة التي بنيت في منطقة وسط تربط بلاد الشام والعراق إلى مصر. كما شرح لنا مرافق وغرف وسراديب القلعة وكيف بناها المسلمون وبطرق هندسية حيت اعتمدوا على النظريات الهندسية للعالم المسلم الخوارزمي في بناء المباني العالية و الأسقف الغير مدعومة بأعمدة والتي من مميزاتها أنها اكثر مقاومة للزلازل. كذلك احتوت القلعة على قنوات للمياه تجمع مياه الأمطار من مختلف أسطح القلعة وترسلها إلى حوض ضخم في بهو القلعة بعد أن تمر خلال مرشحات وقد تم وضع بعض أنواع النباتات الخاصة في الحوض تفاديا لتعفن الماء. كما وجدوا أيضا داخل القلعة قنوات لمياه الصرف الصحي مصنوعة من السيراميك.

وقال المرشد أيضا، "لقد اكتشفنا في القلعة أيضا قدرا بها مواد معدنية وكيماوية مختلفة وبعد البحث اكتشفنا إن المسلمون كانوا قد استعملوا تلك المواد للتخاطب مع الجيوش البعيدة بالرموز حيث كانوا يخلطون تلك المواد بنسب مختلفة ثم يطلقونها على سهم لتضيء في السماء".
كما قال، "لقد تسببت الزلازل في القرن الماضي بانهيار الطوابق العلوية لهذه القلعة. لقد تمت هذه القلعة تخدم المسلمين لقرون طويلة وكان آخرها العهد العثماني". كما انه بالامكان رؤية أجزاء من فلسطين من فوق سطحها معتمدا على صفاء الجو.

ابهرنا المرشد بالمعلومات التاريخية والمعمارية الدقيقة لهذا الصرح وعند نهاية الزيارة قلت"لم نتعرف عليك؟ ".
قال:" أنا اسمي إبراهيم الصمادي أستاذ جامعي متقاعد ولدي شهادتي دكتوراه واعمل هنا كمرشد سياحي وقد كنت ضمن فرق التنقيب في هذه القلعة، ولدي ستة أبناء في الجامعة". 

إن مشاهدة الآثار والمواقع التاريخية فيها الكثير من الدروس والعبر فهي تحكي قصص أجيال سابقة من البشر ضحوا وعملوا بجد في سبيل تحقيق أهدافهم المرجوة فقلعة صلاح الدين الذي شيد في مكان صعب فوق قمة الجبل وفي زمن لم تكن الطرق الجبلية مرصوفة ومهيأة كما هو ألان ولم تكن هناك الآليات الميكانيكية التي تحمل تلك الصخور الثقيلة بل كانوا يستخدمون قواهم العضلية في ذلك، إنها الهمم العالية الإرادة العظيمة التي مكنت أولئك الناس من تحقيق المجد لامتهم ونالوا رضى الله عز وجل. وكم نحن المسلمين في هذا الزمان بحاجة إلى تلك الهمم والمعنويات العالية لكي نبني غذ افضل.

الجمعة، 25 فبراير 2011

رسالة الى أبناء بلدي

بالرغم من مرور ما يقارب الاسبوعان من بداية الاضطرابات السياسية في الشارع والتي تسببت في حدوث شرخ في مجتمعنا البحريني الصغير لم يحدث مثله منذ عقود طويلة والدعوات الى الهدوء والجلوس حول طاولة الحوار للخروج من هذه الازمة وبالرغم من ذلك كله الا أنه لازال بعض الصحفيين للأسف لا يلتزمون بما يساعد على الهدوء وترطيب الاجواء وبالطرح المتوازن للمشكلة في مقالاتهم ولا زال هناك الكثير من المواطنين وخاصة من الشباب غير مدرك لخطورة الأزمة الحالية فالكثير منهم لازال يمرر عبر هاتفه النقال او عبر بريده الالكتروني ما يسبب في تأجيج الأجواء أو يكتب في موقع الفيسبوك او يعلق على الاخبار التي تنشر في المواقع الالكترونية  لبعض الصحف المحلية بما لا يتناسب مع الحاجة الملحة للهدوء الذي يتطلبه الوضح الحالي للبلد، فاذا كان من أنصار الحكومة تراه يهاجم او يسخر من المعارضة او المعتصمين في دوار اللؤلؤة، واذا كان من المعارضة تراه يهاجم او يسخر من الطرف الاول وكأن كل طرف هو الصح والمخطأ هو الطرف الاخر. وهذا ان دل على شيء انما يدل على أن هؤلاء لا زالوا غير مدركين لخطورة الوضع الذي تمر به البحرين وأن احتمالات جر البلد الى فتنة وحرب اهلية لا زالت قائمة الا ان يتم ادراك الامر.
أقول لجميع هؤلاء اتقوا الله في بلدكم، خافوا على مستقبل ابنائكم، ارحموا ابائكم وامهاتكم، يكفي ما حدث فليس الان هو وقت تبادل الاتهامات واللوم. لابد على الجميع ان يتكاتف و يعمل على تهدئة الاجواء فلا أحد منا يريد أن يتحول بلدنا الغالى الى دولة مثل لبنان حيث الازمات السياسية التي لا تفارقهم على مدار العام ولا مثل العراق او الصومال حيث الصراعات القبلية والطائفية الذي تتسبب في العديد من القتلى طوال العام. نعم اننا ندرك ان البعض لازال تحت تأثير الانفعال او الشفقة على الذي وقعوا ضحايا ونحن لا ننكر عليهم ذلك ولكن الان يجب ان تكون الحكمة هي ضالتنا والعقل هو منطقنا و كلنا يعلم بأن القوى السياسية في البلد تقوم بالسعي وبالتشاور فيما بينها لخلخة الوضع فلا داعي أن يلجأ عموم الناس الى اثارة الغبار أكثر  سواء من خلال الصحافة او من خلال الرسائل الالكترونية والنصية او حتى من خلال المناقشات الجماعية التي تثير الخلاف اكثر، فالنمارس حياتنا اليومية بصورة طبيعية ونحافظ على مقدرات بلدنا ونترك الخلافات السياسية لأهلها.
مع خالص دعواتي وامنياتي بالامن والسلام لبلدنا الغالي.

الخميس، 24 فبراير 2011

في الطريق إلى باجنورد-مايو 2004

كنت مبتعثا من قبل عملي كالمعتاد إلى إحدى الشركات الصناعية وذلك لغرض تصليح أحد الأجهزة و إعطاء الدعم الفني اللازم لذلك الجهاز.

كانت رحلة العمل هذه المرة إلي جمهورية إيران الإسلامية وبالضبط الى منطقة تسمى باجنورد وهي منطقة تقع في شمال مدينة مشهد وعلى مسافة قريبة من جمهورية تركمنستان إحدى جمهوريات الاتحاد السوفيتي السابق.

كان خط الرحلة هو من البحرين الى طهران حيث بقيت في طهران يوما كاملا على الأقل، وفي اليوم التالي من الوصول استقبلني ممثل الشركة التي اعمل فيها والذي نسق لزيارتي هذه وقال لي سوف آتيك هذا المساء الساعة السابعة والنصف لنذهب معا إلى المطار حيث أن موعد إقلاع الطائرة إلى مدينة مشهد هو الساعة التاسعة والنصف.
جهزت أمتعتي ونزلت من غرفتي واخدت انتظر في بهو الفندق في الموعد المتفق عليه وذلك بعد أن أنهيت إجراءات الدفع.  تأخر عن الحضور في الموعد وبعد قليل اتصل بي وقال " لن أتمكن من اخذك معي فالطرق مزدحمة ،خذ سيارة اجره وتوجه إلى المطار وسألقاك عند مدخل المطار". فاستقلت سيارة أجرة متوجها إلى المطار وفعلا كان الطريق شديد الازدحام والجو كان ملوثا بأدخنة السيارات القديمة والموجود منها بكثرة هناك ومع ذلك فإنني لاحظت انخفاض عدد تلك السيارات القديمة مقارنة بزيارتي السابقة قبل أربع سنوات. ومن اجل اللحاق بالطائرة سلك سائق الأجرة طرق فرعية في محاولة لتجاوز الازدحام المروري مما أدى إلى أن يضيع الطريق المؤدي إلى المطار.

وأخيرا بعد جهد جهيد وصلنا إلى المطار ولم يبقى على موعد إقلاع الطائرة سوى دقائق فنزلت من سيارة الأجرة راكضا باتجاه مدخل المطار حيث التقيت بزميلي الذي سعى جاهدا لأخذ بطاقة دخول الطائرة دون جدوى فحضر إلي وقال "سوف اذهب أنا، أما أنت فانتظر الرحلة التالية بعد ساعة من الآن وسوف انتظرك في مطار مشهد"  وأرشدني إلى مكتب تعديل الرحلات. وبينما كنت منتظرا في الازدحام من اجل تعديل الرحلة إذا بي أراه قد عاد وقال "سوف نذهب معا، لقد أقلعت الطائرة".

وبعد الانتهاء من إجراءات تعديل الرحلة ركبنا الطائرة وكان نصيبي أن اجلس في مؤخرة الطائرة وفي آخر مقعد وبالقرب من محرك الطائرة حيث كانت النافذة هي الفاصل بيني وبين المحرك مما أدى إلى إصابتي بتعب شديد بسبب الضجيج الهائل.

وصلنا إلى الفندق في مشهد وفي وقت متأخر ولم انم إلا عند الساعة الواحة والنصف بعد منتصف الليل وكان يجب علي الاستيقاض مبكرا عند الساعة الخامسة والنصف صباحا حيث ستنتظرني سيارة تأخذني إلى مكان العمل.عند الساعة السادسة صباحا استيقضت على عجل عندما اتصل بي زميلي ليسأل عني بسبب تأخري في النزول. نزلت من الغرفة الى مدخل الفندق حيث عرفني زميلي بالسائق الحاج احمد الذي سيأخذني الى موقع العمل حيث قال " لقد جئت في الساعة الخامسة لأتأكد من وجودك". ثم ركبنا السيارة منطلقين الى هدفنا.

منطقة باجنورد تبعد عن مدينة مشهد بثلاث ساعات تقريبا. وخلال تلك الفترة تبادلت مع سائق السيارة الحاج احمد الاحاديث الكثيرة.
الطريق كان جميلا فالمزارع الخضراء كانت تغطي معظم المناطق طرفي الشارع وفي بعض المناطق كانت الثمار مثل العنب والطماطم وغيرهما تقطف وتباع على ضفة الشارع. ومع مرور الوقت واقترابنا من موقع العمل ظهرت الجبال الجميلة والوديان الخضراء، انها كانت مناظر رائعة.
قال الحاج احمد " المنطقة التي تقع بعد الموقع الذي ستزوره توجد فيها غابات جميلة حيث تكثر فيها الحيوانات المختلفة مثل الغزلان والدببة حيث يستمتع كثير من الناس بزيارة تلك المنطقة".
وفي خلال تبادل الاحاديث سالني الحاج احمد فقال " مارايك في صدام؟"، فقلت " لقد كان رئيسا مجرما، قتل الالاف من شعبه وارتكب المذابح الشنيعة. الالاف من الموطنين كانوا يبحثون عن ذويهم املين ان يخرجوا من السجون فاذا بهم بعد اكثر من اثنى عشر عاما بعد زوال النظام يفاجؤن برفاتهم في مقابر جماعية وقد دفنوا بثيابهم وما يحملون معهم. فمنهم من كان اوراقه الثبوتية في جيبه ومنهم من دفن مع عكازته التي كان يتكىء عليها  وغيرها من المشاهد المؤلمة".
الحاج أحمد: " اجل لقد كان شخصا فاسدا، لقد حملنا حربا لا معنى لها لثمان سنوات. ولقد تشرفنا بالخدمة في تلك الحرب"
ثم حكى الحاج احمد عن بعض المعارك التي شارك فيها ابان تلك الحرب.
" في احدى المعارك استطاعت القوات العراقية من الانتصار علينا فقتل منا من قتل ووقع في الاسر من وقع وانسحب منا من استطاع ان ينسحب وانا كنت منهم، فجمعنا شملنا وقمنا بهجوم مضاد تمكنا خلالها من استعادة ما فقدناه منهم وعندما جئنا الى تحرير رفاقنا الاسرى اكتشفنا انهم قد قتلوا وبطريقة بشعة حيث تم ربط رجلي الاسير بسيارتين مختلفتين ومن ثم تنطلق السيارتان في اتجاهين متعاكسين فينفلق الاسير الى نصفين. اما نحن فكان بودنا ان ننتقم لزملائنا من هذا العمل الشنيع لولا ان ديننا الحنيف ينهانا عن ارتكاب مثل هذه الاعمال فكنا نعدم الاسرى البعثيين رميا بالرصاص. اما باقي الاسرى فكنا نعفوا عنهم فقد كانوا يتوسلون الينا بان نسامحهم فهم لم ولن يرغبوا ابدا ان يحاربوا اخوانهم المسلمين ولكن صدام كان سيعدمهم اذا ما رفضوا الذهاب الى الحرب. ان البعثيين كانوا حقا مجرميين"

ثم قال الحاج احمد " وفي معركة اخرى حوصرنا في شق ضيق بين جبلين وقد نفذت كل ما نملك من ذخائر وجهاز اللاسلكي كان عاجزا من التقاط وارسال اشارات الاستغاذة وهددتنا القوات العراقية بان نستسلم او نقتل، فابينا ان نستسلم لانهم سيقتلوننا فاذا كنا سنقتل فالنقتل مدافعين عن انفسنا ولا نقتل مستسلمين. حتى استطاع احد زملائنا من صعود جدار الشق الى مستوى استطاع جهاز الاسلكي من ارسال اشارات الاستغاثة وبعد عدة ساعات سمعنا اصوات المروحيات التي اتت لنجدتنا".
           
وقد مررنا اثناء الرحلة ببعض القرى الصغيرة حيث رأيت هناك صور ثنائية لشباب اعمارهم في حدود العشرين سنة يزيد او ينقص قليلا معلقة على اعمدة الانارة على طول الشارع فقال لي الحاج أحمد "هل تعلم لمن هذه الصور؟ انهم شهداء البلاد الذي استشهدوا ابان الحرب مع العراق،وقد علقت صورهم تكريما لهم والصور الثنائية هم إخوة من أسرة واحدة".

وبعد ان وصلنا الى موقع العمل ودعني وقال " سعدت بلقاءك، بعد انهاء عملك سيكون هناك سائق اخر يعيدك الى مشهد". وبعد ثلاث ساعات انهيت عملي وركبت السيار عائدا الى مشهد. طريق العودة كان مختلفا تماما عن طريق الذهاب والذي كان في الصباح الباكر فالازدحام كان في اوجه وخاصة في المناطق التي يصبح فيها الشارع ضيقا حيث اخذت السيارات تتجاوز السيارات الاخرى وبسرعة عالية لدرجة ان سيارة كانت تقترب من اخرى من الجانب وما ان تصبح المسافة بينهما سنتيمتر واحد حتى تبتعد عن بعضهما البعض. لقد تعودوا هم على هذا النمط اما انا فكان المشهد مرعبا بانسبة لي.    
اما نهاية تلك السفرة فقد تصادف وجود السيد غسان بن جدو المذيع في قناة الجزيرة ومقدم برنامج حوار مفتوح معي في الطائرة اثناء رحلة العودة من طهران الى البحرين ولم اتمكن من التحدث معه الا اثناء مغادرة الطائرة نظرا لبعد المقاعد ولو تسنى لي ذلك لتبادلنا الاراء في المواضيع المختلفة.
قلت: " السلام عليكم كيف حالك"
بن جدو:" الحمدلله"، "شكرا على برامجكم المميزة، أنت قادم من ايران ، الست مراسل القناة في بيروت؟"
" انا المدير الاقليمي بين بيروت وطهران ونحن كثير السفر. لم نتعرف عليك؟"
" انا اسمي عارف العوضي، بحريني واعمل في شركة اجنبية واسافر لاداء اعمال صيانة للأنظمة"، " حياك الله"
وافترقنا عندما واصل طريقه الى صالة الترانزيت ليتوجه الى الدوحة حيث ودعته وتوجهت الى مكتب الجوازات.

الأربعاء، 23 فبراير 2011

الحوادث المرورية.. إلى متى

يوما بعد يوم تطلعنا الجرائد اليومية على الحوادث المرورية المختلفة. ولعل الذي ينشر في الجرائد اليومية من أخبار في هذا الصدد لهو قليل من كثير فالزائر منا إلى ورش تصليح السيارات ليرى بأم عينيه العدد الكبير من السيارات المحطمة، فالحوادث المرورية ذلك الوحش المفترس الذي أصبح يحصد يوميا العديد من الأبرياء بين قتيل وجريح في بلادنا بل و حتى في بلدان أخرى قد أصبح مصدرا للرعب للكثيرين من الناس سواء كان سائقا أم غير سائق فالفرد قد أصبح يسوق سيارته وهو مرعوب فقد يكون الاختيار فد وقع عليه في يومه الجديد، ففي الصباح وهو خارج من بيته لا يعلم هل سيصل إلى عمله أم لا، والأم التي تنتظر ابنها أو زوجها ويدها على قلبها لا تعلم ما يخفيه الزمن لها من أخبار وان كان السائق في كامل وعيه والتزامه بالأنظمة والقوانين المرورية فان هناك الطائش الذي يظهر فجأة ليقلب الحال رأسا على عقب.

إن السيل قد بلغ الزبى، حصاد الحوادث أصبحت تزداد وانه لابد من اتخاذ الإجراءات السريعة لوقف هذه المأساة ولابد من إنشاء لجان البحث والتطوير في إدارة المرور والترخيص وإدارة الطرق لدراسة أسباب جميع الحوادث المرورية دراسة دقيقة وإيجاد الحلول الحاسمة لها. وهناك بعض المقترحات والتي قد تساهم في تطوير الحركة المرورية في المملكة:

1.    إنشاء المزيد من الجسور أو أنفاق من تحت الشارع للمشاء وخاصة لشوارع الخط السريع.
2.    وضع حواجز صلبة بين الشارعين المتعاكسين وذلك لمنع السيارة المنحرفة من دخول المسار المعاكس مهما كانت سرعتها.
3.    دراسة وتعديل جميع الطرقات والشوارع فكم من أخطاء فنية في بعض الشوارع والمنعطفات أدت إلى حوادث وبعضها بليغة.
4.    منع الدراجات النارية في الشوارع فكم من حوادث تسببها تلك الدراجات والتي يقودها بعض المراهقين الكبار الذين يوأدون حركات بهلوانية أو يتسابقون بين السيارات بذلك الصوت المزعج الذي يصدر من دراجاتهم. فلتقم الجهات المختصة بالمملكة بإنشاء مضمار لتلك الدراجات عوضا عن الشوارع العامة.
5.    وضع قوانين صارمة للذين تكثر مخالفاتهم تصل إلى سحب رخصة القيادة نهائيا فان هناك وللأسف بعض الناس من لا يتعظ من الدروس أبدا وان كان هو قد وقع في حوادث بسبب عدم التزامه بالأنظمة والقوانين المرورية سابقا وان مثل هذا النوع من البشر لا يتعلم إلا بالموت.
6.    زيادة عدد رجال المرور على مدار الساعة فان ذلك من شأنه ضبط الحركة المرورية في البلد فكم من أماكن نادرا ما يتواجد رجل المرور.


مع دعوتي للجميع بالسلامة على الطريق.



الثلاثاء، 22 فبراير 2011

حال المبدعين

ان الابداع هو موهبة وقدرة عقلية ذاتية لدى الانسان وهي هبة من الله عز وجل للكثير من البشر وهي قدرة ليست موجودة لدى الجميع. ان كل ما نراه من حولنا سواء في البيت او في العمل او في الشارع من وسائل يسرت لنا الحياة هو من ابتكار المبدعيين الذين غيروا حياة البشرية الى الافضل وجعلوا مجتمعاتهم اكثر تطورا، فهؤلاء هم من قد صنعوا التاريخ واصبحت اسمائهم منقوشة في حياة البشر اليومية مدى الدهر. ان الشخص المبدع لا تمر عليه ساعة في يومه الا وهو يفكر بمشاريعه الابداعية.

ان المجتمع الغربي عرف كيف يستثمر الابداع الموجود لدى افراده والذي انعكس على جوانب حياته المختلفة على النقيض من مجتمعاتنا التي لازالت عاجزة عن فهم اهمية هذه الفئة فلا توجد هناك في بلداننا مراكز متخصصة تحتضن وتهتم بهذه الفئة وتساهم في تطوير مهاراتهم الابداعية المختلفة اسوة بالدول المتقدمة كما هوالحال بالنسبة الى المركز الكندي للمبدعين والمخترعيين والذي تاسس في عام 1981 حيث استطاع هذا المركز باحتضانه للمبدعين منذ ذلك التاريخ من ان ينتج اكثر من ثلاثة عشرة الف منتج جديد حيث تم تسويق العديد منها وان وجدت تلك المراكز في بلداننا فانها ضعيفة لا ترتقي الى المستوى المطلوب وتعاني من نقص مستمر في ميزانياتها وذلك لانه لا توجد خطط جادة لدى حكوماتنا لسبب اولاخر لدعم هذه القضية الحيوية.

انه وللاسف اصبح شاغل المبدعين في مجتمعاتنا من الصباح الى المساء كيف يكسب لقمة عيشه وكيف يستطيع ان يلبي احتياجات اسرته فلا يوجد هناك فرصة يستطيع من خلاله اعطاء عقله ولو لدقائق معدودة لتفكير ابداعي او حتى تطوير مشاريعه الابداعية والتي تخدم مجتمعه وان وجد وقتا فانه لن يكون اكثر من تدوين افكاره ليتمكن يوما ما من تنفيذها. لقد اصبح المبدع يعيش في صراع مع الظروف المحيطة به جاهدا لايجاد مخرج من حاله، فعمله الذي يقضي فيه ساعات طويلة والذي يكسب منه قوت يومه قد يكون بعيدا كل البعد عن مجال ابداعاته وبعد عمله يسعى الى متابعة التزاماته تجاه اسرته او حضور دورات تدريبية مثلا من اجل الحصول على ترقية في وظيفته ليساعده ذلك على زيادة دخله وغيرهما من مشاغل الحياة اليومية التي لا تنتهي. 

كم من مبدعيين درسوا في الخارج فحصلوا على عروض وامتيازات من تلك الدول للبقاء بسبب تفوقهم ولكنهم فضلوا العودة لخدمة بلدهم وعندما عادوا لم يجدوا من يقدرهم؟

ان بلداننا العربية غنية باصحاب العقول الابتكارية والايدي الماهرة اذا ما استغلت الاستغلال الصحيح لامكننا من تطوير مجتمعاتنا وتقوية اقتصادنا، اننا بحاجة الى ان نضع الشخص المناسب في الموقع المناسب وذلك لان انتاجية الفرد في العمل تزداد اذا كان طبيعة عمله يتناسب مع ميوله  وقدراته الابداعية، وعلى العكس فان العمل الذي يكون بعيدا عن مجال ابداعات الفرد فانه لن يكون سوى مقبرة تدفن فيه تلك القدرات مع صاحبها. اننا بحاجة الى ان ننظر في هذه القضية نظرة جادة اذا ما اردنا التقدم  والتغيير الى الافضل.

من قصص الجد والمثابرة - ترجمة وتعليق

كان الشاب الياباني ايتشيرو يوكوجاوا قد سافر إلى ألمانيا بتشجيع وتمويل من عمه السيد تاميسوك يوكوجاوا وذلك لدراسة الهندسة. وفي نفس الفترة كان السيد سوسومي أوكي والذي كان قد اجتاز امتحان الزراعة والذي أهله للحصول على دعم وزارة التجارة للدراسة في الخارج قد التقى و تعرف على السيد تاميسوك يوكوجاوا عن طريق أستاذه البروفسور مياك في مدرسة طوكيو التقنيات.

بينما كانوا يتحدثون عن العلوم والتكنولوجيا والتحديات التي تواجه تصنيع أجهزة القياس الكهربائية في اليابان، شعر السيد تاميسوك يوكوجاوا بحماس شديد تجاه الموضوع فطلب المساعدة. حيث طلب من السيد اوكي أن يلتقي بالسيد ايتشيرو يوكوجاوا في أوروبا وان يناقش معه التخطيط للمستقبل.

في عام 1913 انتقل السيد اوكي إلى مانشستر بانجلترا مهد الثورة الصناعية حيث اكتسب هناك الخبرات الكثيرة في مجال أجهزة القياس والاختبار، تركيب وتصنيع المواد المختلفة وغيرها. في ذلك الأثناء كان السيد ايتشيرو يوكوجاوا موجودا في أوروبا يدرس في المدرسة التقنية حيث كان وقته بعد الدراسة حافلا بزيارة المصانع مثل AEG  و سيمنس في مدينة برلين الألمانية، و باندلاع الحرب العالمية الأولى اضطر إلى الانتقال إلى انجلترا وذلك في نهاية عام 1914 حيث التقى هناك ولأول مرة بالسيد أوكي في لندن. لقد قام الاثنان بزيارات علمية إلى مصانع أجهزة القياس والتحكم في جميع أنحاء انجلترا حيت حصلا على كل ما كان يريدانه من معلومات هندسية في ذلك المجال. كما قام السيد اوكي بزيارة إلى أمريكا حيث اطلع على بعض المصانع الكهربائية هناك قبل عودته إلى اليابان.  

في عام 1915 قام الشابان الطموحان وبعد أن تسلحا بالخبرة اللازمة في أوروبا وأمريكا بتأسيس مصنع صغير في منطقة شيبويا والذي هو الآن احد مراكز مدينة طوكيو. لقد كانت تلك الخطوة الأولى باتجاه تأسيس يوكوجاوا للكهربائيات الحديثة.

في ذلك الوقت كان السيد ايتشيرو يوكوجاوا يبلغ من العمر التاسع والعشرين أما السيد اوكي فكان يبلغ السادسة والعشرين. لقد بدئا عملهما بمساعدة أربع موظفين فقط حيث كان أولوية العمل هو البحث في الطرق والوسائل والإمكانيات المطلوبة لتصنيع أجهزة القياس الكهربائية. لقد كانت بداية صعبة بسب أن بعض المعدات والآلات اللازمة والتي قام السيد اوكي بطلبها من لندن قد تأخرت بالوصول بسبب ظروف الحرب. لقد قاما قبل ذلك بفترة بتغيير اسم مصنعهما إلى معامل يوكوجاوا الكهربائية حيث كان لازال العمل في مراحل البحث والتطوير. لقد كانا يبحثان في عمليات التصنيع عن طريق إصلاح الأجزاء المعطوبة لأجهزة قياس الطاقة والجهد التي تم استيرادها من بعض الشركات مثل شركة تاماجاوا دينشا وذلك بفك تلك الأجهزة ورسم المخطط الفني الخاص بها ومن ثم إعادة تركيبها، وكان التركيز يزداد على الأجهزة التي تحتوي تكنولوجيا أكثر.

لقد كان الكفاح والتعب أمرا طبيعيا بسبب التحديات التي كانت تواجههم من اجل تحقيق حلمهم بتأسيس شركتهم. لقد وضع الزميلين يوكوجاوا وأوكي الثقة في بعضهما البعض والحكم المطلق في عبقريتهما للتخطيط للعمل. لقد كان سندهما في العمل الحماس الشديد والحيوية العالية وشعورهما بالعطش لتصنيع أجهزة القياس.
التقى الزميلان بالسيد تاميسوك يوكوجاوا الذي كان مهتما بشدة بتصنيع أجهزة القياس في اليابان حيث شجعهما على عملهما وقال لهما " لابد أولا من تعلم التقنية ومن ثم تطوير المهارة، أريد منكما أن تديرا هذا العمل بحيث يكون الزبون واثقا انه لن يرى سوا الجودة والامتياز في منتجات معامل يوكوجاوا الكهربائية ". لقد تركت تلك الكلمات بصماتها في نفس الشابين الطموحين اللذان أصبحا رائدين في صناعة أجهزة القياس في اليابان.  

وقد كان السيد تاميسوك يوكوجاوا قبل أن يلتقي بهذين الشابين مهتما بالهندسة الكهربائية بالإضافة إلى مهنته كفنان معماري حيث قام بزيارة البروفسور مياك والذي كان زميله في الدراسة ليحاوره في جدوى التجارة في الأنظمة الكهربائية، حيث قال له " أن العمل في أجهزة القياس الكهربائية يبدوا انه تجارة واعدة حيث أن الناس لم يضعوا أعينهم عليه بعد". لقد قادت هذه العبارة إلى ولادة يوكوجاوا للكهربائيات.

وبعد، فهكذا بدا هذان الشابان بداية حياتهما في تحصيل العلم والخبرة بعيدا عن وطنهم ومن ثم تحويل الحلم إلى حقيقة باستغلال ما تم اكتسابه من خبرات إلى واقع عملي بكل حماس وإصرار. أما الآن فقد أصبحت معامل يوكوجاوا الكهربائية وبعد أن تغير اسمها فيما بعد إلى يوكوجاوا الكترك كوربوريشن إحدى كبريات الشركات المتخصصة في إنتاج أجهزة القياس والتحكم في العالم وأخذت منتجاتها تغزوا الأسواق العالمية ولديها مصانع في دول عديدة.

فكم منا من لديه الطموح والقدرات العملية إذا ما سخرها عمليا لاستطاع أن يغير وجه الحياة، انه حري بنا أن تستفيد من هذه التجارب وان نعمل بجد وإخلاص كما عمل هذين الشابان الطموحين.

لماذا نحن بحاجة الى مراكز علمية؟

تقوم المراكز العلمية بشتى فروعها على خلق وعي بأهمية العلوم والتكنولوجيا في تطور المجتمعات وتكريس الاحساس بأهميتهما في الحضارة الانسانية الحديثة وذلك من خلال خلق بيئة علمية داخل المجتمع عن طريق تبسيط المفاهيم والنظريات العلمية المختلفة لجميع أفراد المجتمع بطرق ووسائل مختلفة مثل التفاعل المباشر مع التطبيقات العلمية للنظريات المختلفة وذلك من خلال معروضات علمية خاصة أو من خلال تنظيم دورات علمية خاصة للشباب والناشئة لتنمية مهاراتهم ومواهبهم العلمية أو وسائل اخرى مثل طباعة المنشورات العلمية وغيرها. ان ذلك ينطبق ايضا على الاندية والمتاحف العلمية حيث تلعب الاندية العلمية في تدريب وتطوير القدرات والمهارات العلمية لدى اعضائها من الصغار والبالغين بينما تلعب المتاحف العلمية دورا مهما في توسيع ونشر الثقافة العلمية لدى كافة افراد المجتمع وفتح مدارك الناس على تاريخ تطور العلوم المختلفة والعلماء العظام الذين لعبوا دورا اساسيا في تطور حياة الانسان.

إن التعلم من خلال المراكز والاندية العلمية تختلف عن التعلم في المدرسة والجامعة. فهناك يكون الطالب ملزماً بالحضور للمحاضرات في أوقات معينة ولزمن معين وبدراسة مواد معينة وقد لا تكون بعض المواد مححبة اليه كما أن التعلم في المدرسة والجامعة يغلب عليه الجانب النظري أكثر من العملي، أما في المراكز والأندية العلمية فإن الوضع يختلف عن ذلك فالطالب الموهوب يستغل وقت فراغه ليدرس ويمارس الشيء الذي يحبه عملياً حيث يستطيع من خلال ذلك إظهار وتنمية مواهبه وقدراته الفنية والإبداعية لما يعود عليه وعلى المجتمع عامة بالنفع.

ان هناك العديد من مثل هذه المراكز في دول العالم التي تساهم في تطوير وتنمية الثقافة والوعي العلمي لدى شعوب تلك الدول ولعل اقربها هو مركز سلطان بن عبد العزيز للعلوم و التقنية " سايتك " بالخبر والتابع لجامعة الملك فهد للبترول و المعادن  والذي حتوي على قاعات علمية رائعة ومرصد فلكي ومركز ثقافي للطفل وغيرها وكذلك المركز العلمي الكويتي والذي تم إنشاءه برغبة من أمير الكويت الراحل سمو الشيخ جابر الاحمد الصباح رحمه الله. يحتوي المركز على العديد من الأقسام مثل سينما الافلام العلمية ثلاثية الأبعاد و قسم الأكواريوم والذي يتمكن الزائر من خلاله على التعرف على البيئات المختلفة للجزيرة العربية والفلك وغيرها من الاقسام والمعروضات العلمية التي تحبب الزائر في العلوم والتكنولوجيا.

وفي هذا الصدد لا يسعني الا ان اشكر وزارة التنمية الاجتماعية على جهودها في انشاء المركز العلمي البحريني والمزمع تأسيسه قريبا. اننا نرغب في انشاء المزيد من مثل هذه المراكز بالاضافة الى الاندية والمتاحف العلمية في بلدنا العزيز لما يساهم في التنمية المجتمعية ولما له من دور هام في استغلال طاقات الشباب واوقاتهم فيما يعود بالنفع على مجتمعاتهم واوطانهم ويشغلهم عن في امور قد تضر بهم وبمستقبلهم.

دولنا واستثمار الطاقات البشرية

انه مما لاشك فيه ان تطور المجتمعات والدول تقوم على الاستغلال الامثل للطاقات والموارد الطبيعية التي انعم الله عليها ولا شك ايضا ان العنصر البشري هو من اهم تلك الطاقات فالانسان يستطيع ان يسخر الموارد المختلفة بما يملك من قدرات ذاتية ومواهب ومهارات وغيرها في بناء وتطوير المجتمع كما فعلت ذلك الدول المتقدمة التي عرفت قيمة الانسان وعرفت كيف تهتم وتستثمر الطاقات والقدرات الذاتية الكامنة لدى العديد من افراد مجتمعاتها، بل ان تلك الدول ذهبت الى ابعد من ذلك فلم تكتف باستغلال العقول الفذة المتواجدة لديها بل قامت باستقطاب اصحاب العقول واصحاب المهارات الابداعية المختلفة من الدول الاخرى. وهذا هو سبب تقدم تلك الدول في شتى المجالات العلمية والتكنولوجية والفنية والرياضية وغيرها والذي انعكس ايجابيا على اقتصادياتها.

والسؤال الذي اود ان اطرحه في هذا الصدد، هل تدرك حكوماتنا اهمية هذا الموضوع؟
هل هناك استثمار حقيقي وجاد للطاقات البشرية في بلداننا اسوة بالدول المتقدمة؟
هل توجد خطط لدى حكوماتنا لتنقية المبدعيين في المجتمع ووضع برامج لتطوير طاقاتهم وتوظيفهم في الوظائف التي تناسب قدراتهم ومواهبهم؟

كم نرى في مجتمعاتنا من عباقرة واصحاب قدرات ابداعية وهم مهملون ولا احد يعرف عنهم.
بل كم من مبدعون اصابهم اليأس والاهباط من النظام الروتيني القاتل في الكثير من الدوائر ولا سيما الحكومية منها بل وكم منهم من حورب من قبل زملائه ومسؤوليه في العمل خشية على انفسهم! وهذا هو الحال في كل الدول النامية حيث يدفن الابداع والمواهب لدى الافراد بدلا من تنميتها واستثمارها.  
لماذا لا يتم صرف الاموال في هذا المجال وكم من اموال تصرف في امور لا يستفيد منه احد.
لماذا لا يتم وضع بند في الميزانية السنوية للمملكة لدعم المبدعين والمخترعين؟

لقد كانت امتنا فيما مضى من الزمان جالسة على عرش المعرفة والحضارة التي امتد نورها الى مشارق الارض ومغاربها، كانت امتنا في تلك الحقبة تعرف قدر الانسان وعرفت كيف تستثمر طاقاته وقدراته ما امكن روادها من علماء العرب والمسلمين من ان يدخلوا التاريخ وان يكونوا معلمين لاجيال عديدة تلتهم .بل ان علماء الغرب بنوا علومهم وحضارتهم على ابداعات علمائنا بعد ان انقلب الحال حيث اصبح الغرب يهتم بالطاقات والابدعات البشرية وتخلفنا نحن بسبب اهمالنا لذلك.

انني اتمنى ان يدرك المسؤولون صانعو القرار في بلداننا اهمية هذا الموضوع لكي يتغير هذا الوضع المزري وان تعود الامور الى نصابها وان تتحرك الجهات المعنية في الحكومة لوضع برامح وخطط جادة تخرج تلك الطاقات المدفونة وتدفع بها الى الامام.

المسلسلات الخليجية... وجه نظر

تنتج شركات الانتاج والفضائيات الخليجية سنويا العديد من المسلسلات الدرامية المختلفة والذي يشاهدها الملايين في دولنا بغية التسلية وقضاة الوقت وان معظم تلك المسلسلات التي يتم انتاجها تدور قصصها حول المشاكل الاجتماعية مثل الخيانات الزواجية والطلاق او الصراع على الميراث وغيرها من وما يتخلل ذلك من حزن وبكاء وتبادل للالفاظ الجارحة وعدم احترام اي طرف للطرف الاخر.
وانني على علم بأن تلك الاحداث هي واقع في مجتمعاتنا والذي يعمل في السلك الاجتماعي او في المحاكم يرى حجم تلك القضايا، ولكن بالمقابل الا توجد في مجتمعاتنا نماذج ايجابية تصلح ان تكون مادة لمسلسل او فلم؟
نعم توجد هناك الكثير من النماذج الايجابية والرائعة والتي نحن الى امس الحاجة اليها والتي من الممكن ان تساهم في تحسين الكثير من سلوكيات المجتمع المختلفة.
والسؤال الاخر الذي يطرح نفسه ما هو دور المسلسلات الدرامية والتي يشاهدها مئات الالاف في بلداننا في زيادة رصيد المواطن الخليجي من الوعي الاجتماعي والاقتصادي والبيئي والسياسي؟ ولا سيما ونحن في البحرين مقبلون على انتخابات نيابية وبلدية والكثير من المواطنين يصوتون لمرشحيهم دون ان يعلموا لماذا سوى انهم قد قيل لهم ذلك؟!
 وهل للمسلسل التلفزيوني دور في تحسين وتقويم بعض سلوكيات الشباب المنحرفة مثل لمخدرات واعمال الحرق والتخريب التي تشهدها بلادنا منذ زمن؟
هذه وجه نظر ارى انه من الضروري طرحها على القائمين على المسلسلات الدرامية من مخرجين ومنتجين عسى ان نرى اساليب درامات جديدة ونافعة تساهم في نمو وارتقاء مجتمعاتنا الى الافضل.

ازعاج الدراجات النارية

تقود سيارتك في الشارع براحة و طمأنينة، وفجأة يصدر صوتاً عالياً و مزعجاً فتفزع وترتبك فقد تلف المقود وقد تصطدم في الرصيف أو بالسيارة المجاورة لك ولكن ولله الحمد سرعان ما تستعيد وضعك الطبيعي بعد زوال ذلك الصوت المفاجئ.  إن هذا فعلاًما يحدث في شوارعنا وذلك بسبب بعض سائقي الدراجات النارية من بعض الشباب المتأثرين بالأفلام الأجنبية.   وإنني لأتساءل، أين إدارة المرور والترخيص برجالها وقوانينها من هؤلاء المستهترين الذين يسببون الفزع والإرباك لسائقي السيارات ويعرضون أنفسهم كذلك للخطر؟؟؟

الاثنين، 21 فبراير 2011

حق الطريق

هل تعلم يا أخي القارئ بأن من حق الطريق عليك ان لا تسوق سيارتك ببطئ شديد بحيث تعطل باقي السيارات خلفك إذا كان الشارع ضيقاً.
هل تعلم يا أخي العزيز  بأن من حق الطريق عليك أن لا ترفع صوت المذياع أو المسجل بحيث تؤذي المارة والركاب في السيارات الأخرى.
هل تعلم يا أخي القارئ بأن من حق الطريق عليك أن لا  تمعن  النظر  في السيارات الأخرى لترى من بها.
هل تعلم يا أخي السائق بأن من حق الطريق عليك أن لا تتجاوز السيارات الواقفة على الإشارة الضوئية لتنعطف وذلك بغرض عدم الانتظار في الطابور الطويل وأن لا تفوتك الإشارة الخضراء.
هل تعلم يا أخي الكريم بأن من حق الطريق عليك أن تحافظ على محرك سيارتك كي لا ينبعث منها أدخنة خطرة تلوث البيئة، أو تهمل اصلاح عادم سيارتك والذي يسبب ضجيجا وبذلك تؤذي الاخرين.
هل تعلم بأن من حق الطريق عليك أن لا تتجاوز السرعة المحددة للشارع الذي تسوق فيه بل وأن لا تخالف قوانين المرور التي وضعت من أجل سلامتك وسلامة الآخرين.

عن أبي سعيد الخدري قال: قال رسول الله : { إياكم والجلوس على الطرقات }. فقالوا: ما لنا بد إنما هي مجالسنا نتحدث فيها. قال: { فإذا أبيتم إلا المجالس فأعطوا الطريق حقه }. قالوا: وما حق الطريق؟ قال: { غض البصر، وكف الأذى، ورد السلام، وأمر بالمعروف، ونهي عن المنكر } [رواه البخاري].

عجبا للإنسان

عجبا للإنسان , الذي خلقه الله من عدم، كان في بطن أمه يأكل ويشرب من غير أرادته ولو كان الأمر متروكا لنفسه لمات من الجوع ثم خرج إلى الدنيا ورزقه الله السمع والبصر والإحساس وعلمه مالا يعلم ورزقه من النعم الكثيرة.  فها هو يستمتع بأكله وشربه وهاهو يعيش مرتاح البال مع أهله ويلعب مع أولاده وهو معافاة لا يشكو من أي مرض ويعمل ولديه المال الكثير وغيرها وغيرها من النعم التي لا تعد ولا تحصى .  ومع كل ذلك يعيش بعيداً عن ربه وخالقه فهو قد تجده يعصي الله عز وجل عوضاً عن شكره، بل ربما لا يصلي ولا يضع جبهته على الأرض شكراً لخالقه الذي جعله في الحال الذي هو فيه وهذا إن لم يكن هذا الإنسان ملحداً جاحداً ناكراً لربه.
فهل جزاء الإحسان إلا الإحسان؟ ماذا يا ترى يكون موقفك أخي القارئ إذا أهداك شخصاً هدية ألا تشكره وتكافؤه على ذلك؟؟
فما بال الله الذي أعطاك ما لا يعد ولا يحصى من الهدايا والتي لولاها لما استطعت أن تعيش.  فهو الله الذي هو في غنىً عنا ونحن الفقراء المحتاجون إليه.

فيا عجبا لهؤلاء الناس الذين يعيشون ضالين لا يعرفون من هم ومن أين أتوا وما سبب وجودهم في هذه الحياة وأين سيذهبون بعد ذلك.

عجبا للإنسان

عجبا للإنسان , حملته أمه تسع اشهر ذاقت خلالها الآلام وتحملت التعب الشديد وهي كانت تنتظر بفارغ الصبر طفلها الجديد  و أباه الذي عمل وكد وتعب من اجل أن يوفر لهذا الطفل الجديد كل ما يلزم من متطلبات الحياة المختلفة.
وقد تحمل الأبوان تربية ورعاية ابنهما وسهرا على راحته وصبرا على شغبه ومرضه ومقابل ذلك يدعوان الله دائما له بطول العمر والصحة والمستقبل المشرق.

وبعد أن كبر هذا الطفل واصبح يعتمد على نفسه اصبح عاقا لوالديه، فهو دائما يغضبهما ولا يتكلم معهما الكلام الحسن والطيب ولا يصرف عليهما إذا احتاجا للمال بل وربما ضرب أحدهما أو كليهما. فهل جزاء الإحسان إلا الحسان؟؟

قال أحد الناس لأمير المؤمنين عمر ابن الخطاب رضي الله عنه انه يعتني بأمه كثيرا لدرجة انه يحملها على ظهره للخلاء حتى تفرغ  فسئل أمير المؤمنين أن كان قد أدى حقها؟

فقال عمر رضي الله عنه: لا, كانت هي تعتني بك وهي تتمنى لك طول العمر، أما أنت فتنتظر موتها لترتاح.

الاعلام الاسلامي والسلاح المفقود

الكل منا يدرك الدور الكبير الذي يلعبه الاعلام في حياة الناس والشعوب وفي صنع القرارات السياسية والاقتصادية وغيرها فالاعلام بالنسبة للشعوب والمجتمعات هي بمثابة المقود الذي يوجهة السيارة يمينا وشمالا، فهي من تشكل عقول الناس وترسم أفكارهم. السماء اصبحت مزدحمة باللاف من القنوات الفضائية المختلفة بما فيها قنوات إسلامية، فكل يوم نرى او نسمع عن بث قناة فضائية جديدة تختلف في أهدافها وتوجهاتها عن باقي القنوات.
وإن ما نريد الحديث عنه في هذه السطور هو مدى التنافس الذي تشكله الفضائيات الاسلامية وسط هذا الزخم الهائل والبحر الهائج ذو الامواج العاتية في التأثير على عقول الناس وسلوكياتهم. إنه من المعلوم بأن معظم الفضائيات الإسلامية تنحصر برامجها في المحاضرات والندوات والمواعظ وربما بعض المسابقات الإسلامية وبعض البرامج الوثائقية وهي بلا شك جوانب مطلوبة ومهمة ولكن هناك أيضا جانب اخر مهم جدا في الاعلام لازالت الفضائيات الاسلامية بعيدة عنها وهي التمثيل وانتاج الافلام السينمائية. لا أحد منا يشك في مدى تأثير الافلام والمسسلسلات التي تدخل بيوت الناس على مفاهيمهم وعلى معتقداتهم وسلوكياتهم وأخلاقياتهم وذلك بسبب أن الناس في الغالب تحب أن تشاهد الافلام والمسلسلات بغية التسلية حتى ولو كان في ذلك من مشاهدة بعض المقاطع المحرمة في ضوء غياب البديل الاسلامي، وهذا هو طبيعة الناس ليس فقط في مجتمعاتنا ولكن في كل مجتمعات العالم. فالتأثير الذي من الممكن أن يتركه مقطع تمثيلي لا يدوم سوى لدقائق على المشاهد لا يتركه محاضرة أو ندوة تدوم لساعات.
إن البرامج التي تحتوي على حوارات علمية ومواعظ هي مهمة كما قلنا ولكن لا أظن أنا شخصيا أن لها تأثير قوي مثل الأفلام والمسلسلات على سلوك الأفراد خاصة وسط الكم المهول من الافلام والمسلسلات التي تعرض على الفضائيات الاخرى، فالأفلام والمسلسلات هي السلاح الأقوى وذو فاعلية أكبر. وهذا مجال مهم جداً في الاعلام لا بد لنا أن نعمل من أجله.
إن الهدف من ذلك ليس فقط اصلاح مجتمعاتنا العربية والاسلامية وانما أيضاً مخاطبة المجتمع الغربي وإرسال رسائل إيجابية اليهم فكم من أفلام انتجت في الغرب تسببت في كراهية الاسلام وتشويه صورته. وربما كان هذا حلم كبير لدى الفنان السوري الكبير مصطفى العقاد رحمه الله منتج فلمي الرسالة وعمر المختار الذان كان لهما صدى كبير في الشارع الغربي وخاصة فلم الرسالة والذي  انتج في عام 1977م والذي كان له دور في اسلام العديد في أمريكا. لقد كان للفنان الكبير مصطفى العقاد حلم اخر كبير أيضا وهو إنتاج فلم عن صلاح الدين الأيوبي إلا أنه لم يجد من يدعم إنتاج هذا الفلم.
كل أملي من القائمين على الفضائيات الإسلامية بمراجعة هذا الموضوع المهم وأن نرى قريبا مشروعاً طموحاً في هذا الجانب.

فيروس الثورات الشعبية العربية

في شهر يناير الماضي سقط النظام السياسي في تونس بعد احتجاجات شعبية عارمة تلا بعدها احتجاجات في مصر ليسقط نظام مبارك العتيد هو الاخر في شهر فبراير الحالي وهناك الان احتجاجات في كل من الجزائر واليمن وليبيا وقد يودي ذلك الى حدوث ثورات في تلك البلاد تطيح بأنظمتها على غرار تونس ومصر. وعلى ما يبدوا ان هناك فيروسا أخذ يتنقل من بلد لاخر يتسبب في سقوط الانظمة القائمة فيها واحدا تلو الاخر واذا افترضنا بأنه في كل شهر يسقط نظام في احدى الدول العربية فهذا يعني انه مع نهاية هذه السنة سيكون هناك اثنى عشر نظاما قد تغير في الوطن العربي وسيكون عام 2011 عاما للتغيير وللثورات العربية وهو العام الذي سيسجل في موسوعة جنس للارقام القياسية لعدد الثورات في سنة واحدة ولدول ولدول تنتمي الى قومية واحدة ولربما يدخل عام 2011 التاريخ بأوسع أبوابه كذلك.
نعم ان ذلك لابد أن يحدث مادام حكام تلك البلاد لا يحسنون ادارة البلاد ولا يحسنون رعاية مصالح شعوبهم فهذا الفيروس لا يصيب الا الأنظمة السياسية التي يكثر فيها الفساد بشتى أنواعه فالمقربين من السلطة لهم الأولوية في كل شيء وهم من يتجاوزون القانون ويحصلون على ما يريدون ويفعلون ما يشاؤون دون حسيب أو رقيب ويستحوذون على الجزء الأكبر من ثروات البلاد حتى أصبح بعظهم يلقب بديناصور الفساد بسبب التخمة الزائدة التي اصابتهم أما باقي افراد الشعب فلا أحد يعلم عنهم شيء وليس لهم من يشتكون اليه الظلم الا الله ناصر المظلومين فقد قال الرسول صلى الله عليه وسلم لمعاذ بن جبل "اتقي دعوة المظلوم فانه ليس بينها وبين الله حجاب"، هذا دعوة مظلوم واحد فما بالنا بدعوة الملايين من المظلومين يدعون ليلا ونهارا على أنظمتها فهو الذي يمهل ولا يهمل.
انه ومنذ عدة عقود أصبحت الانظمة العربية تدين بالولاء الكامل للغرب وعلى رأسها الولايات المتحدة الأمريكية في سبيل حماية كراسيها ضد أي عدو محتمل سواء كان من الخارج أم من الداخل مقابل حماية تلك الأنظمة لمصالح الغرب، وبالرغم من كل تلك العلاقات الوطيدة بين الطرفين لم تتمكن أنظمتنا العربية وللأسف من تعلم الديمقراطية الحقيقية من الغرب حيث القانون هناك فوق الجميع ولا أحد يستطيع الهرب من المسائلة القانونية بمن فيهم رئيس الدولة نفسه. نعم لقد اخذ فيروس الثورة الشعبية في النمو شيئا فشيئا طوال سنين طويلة من الظلم والقهر والاستبداد حتى فاجأ الجميع بمن فيهم الغرب نفسه دون سابق انذار حتى وجدت الأنظمة الغربية نفسها عاجزة عن استمرار دعمها لأصدقاء أخلصوا لها ولم تجد سوى الوقوف بجانب الشعوب الثائرة حيث اختلفت مواقفها أقلها كانت مطالبة النظام في تونس ومصر بعدم التعرض للمتظاهرين وأكثرها كانت مطالبة الرئيس بالتنحي.
ومع كل ذلك اظن انه لا زالت هناك فرصة امام الانظمة العربية المتبقية لتفادي الاصابة بهذا الفيروس القاتل وذلك بالاستجابة لصوت شعوبها والعمل على اصلاحات جدية في انظمتها ورفع الظلم قبل فوات الاوان فالتجربة التونسية والمصرية اثبتتا بأن الاعلان عن اصلاحات بعد ثوران الشارع لن يجدي نفعا وهو ليس سوى محاولة انقاذ ما يمكن انقاذه في الوقت الضائع فالعاقل من يتعلم من تجارب الاخرين ويتعض من دروس الحياة أما العاجز فهو من يمشى دون بصيرة لا يرى ولا يعي ما يحدث ولا يسمع ما يقال هم في واد وشعوبهم في واد اخر حتى يسقط الفأس على الرأس.