عجلون هي منطقة خضراء جميلة تقع في الأردن وبها قلعة صلاح الدين الأيوبي والذي أمر ببنائة على أعلى قمة جبل في تلك المنطقة بعد أن جمع جيوش المسلمين تمهيدا لتحرير فلسطين.
في الطريق إلى عجلون توقفنا في مدينة جرش التاريخية والتي شيدها الرومان قبل ميلاد المسيح عليه السلام وبقيت تلك المدينة حتى بعد فتح المسلمين لبلاد الشام إلى عهد الأمويين الذين عاشوا في تلك المدينة وأضافوا إليها مسجدا ومرافق أخرى. وقد أهملت المدينة بعد قدوم العباسيين الذين نقلوا عاصمة الخلافة من دمشق إلى بغداد.
لازالت أعمال التنقيب جارية لاستكشاف المزيد من أسرار تلك المدينة الأثرية. لقد امتازت العمارة الرومانية بأعمدتها الضخمة وبالنقوش والزخارف التي نحتت بإتقان ودقة على الأحجار ومن أهم معالم مدينة جرش المسرح الذي استخدمه الرومان للاجتماعات العامة واقامة الحفلات والمسرحيات والمسرح والذي يسع لثلاث آلاف شخص هو عبارة عن مدرج دائري له مركز وعندما تقف عليه وتتحدث بنبرة طبيعية فان صدى صوتك يكون واضحا. لقد استعمل الرومان هذه التقنية الطبيعية لكي يقف عليه المتحدث و يسمعه الجميع.
أما في عجلون فقد استقبلنا المرشد السياحي عند بوابة القلعة الذي أخذنا في جولة حيث شرح لنا تاريخ هذه القلعة التي بنيت في منطقة وسط تربط بلاد الشام والعراق إلى مصر. كما شرح لنا مرافق وغرف وسراديب القلعة وكيف بناها المسلمون وبطرق هندسية حيت اعتمدوا على النظريات الهندسية للعالم المسلم الخوارزمي في بناء المباني العالية و الأسقف الغير مدعومة بأعمدة والتي من مميزاتها أنها اكثر مقاومة للزلازل. كذلك احتوت القلعة على قنوات للمياه تجمع مياه الأمطار من مختلف أسطح القلعة وترسلها إلى حوض ضخم في بهو القلعة بعد أن تمر خلال مرشحات وقد تم وضع بعض أنواع النباتات الخاصة في الحوض تفاديا لتعفن الماء. كما وجدوا أيضا داخل القلعة قنوات لمياه الصرف الصحي مصنوعة من السيراميك.
وقال المرشد أيضا، "لقد اكتشفنا في القلعة أيضا قدرا بها مواد معدنية وكيماوية مختلفة وبعد البحث اكتشفنا إن المسلمون كانوا قد استعملوا تلك المواد للتخاطب مع الجيوش البعيدة بالرموز حيث كانوا يخلطون تلك المواد بنسب مختلفة ثم يطلقونها على سهم لتضيء في السماء".
كما قال، "لقد تسببت الزلازل في القرن الماضي بانهيار الطوابق العلوية لهذه القلعة. لقد تمت هذه القلعة تخدم المسلمين لقرون طويلة وكان آخرها العهد العثماني". كما انه بالامكان رؤية أجزاء من فلسطين من فوق سطحها معتمدا على صفاء الجو.
ابهرنا المرشد بالمعلومات التاريخية والمعمارية الدقيقة لهذا الصرح وعند نهاية الزيارة قلت"لم نتعرف عليك؟ ".
قال:" أنا اسمي إبراهيم الصمادي أستاذ جامعي متقاعد ولدي شهادتي دكتوراه واعمل هنا كمرشد سياحي وقد كنت ضمن فرق التنقيب في هذه القلعة، ولدي ستة أبناء في الجامعة".
إن مشاهدة الآثار والمواقع التاريخية فيها الكثير من الدروس والعبر فهي تحكي قصص أجيال سابقة من البشر ضحوا وعملوا بجد في سبيل تحقيق أهدافهم المرجوة فقلعة صلاح الدين الذي شيد في مكان صعب فوق قمة الجبل وفي زمن لم تكن الطرق الجبلية مرصوفة ومهيأة كما هو ألان ولم تكن هناك الآليات الميكانيكية التي تحمل تلك الصخور الثقيلة بل كانوا يستخدمون قواهم العضلية في ذلك، إنها الهمم العالية الإرادة العظيمة التي مكنت أولئك الناس من تحقيق المجد لامتهم ونالوا رضى الله عز وجل. وكم نحن المسلمين في هذا الزمان بحاجة إلى تلك الهمم والمعنويات العالية لكي نبني غذ افضل.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق